جمعية سيرفيس آر جاءت لتغطي فراغا ثقافيا وفنيا داخل مدينة مكناس، ومن ثمة، جاءت تحمل تصورا جديدا لإنعاش الحركة الثقافية والفنية من خلال تنظيم تظاهرات ذات أهمية على المستوى  الإقليمي والوطني والدولي. وما تنظيم المهرجان المغاربي للمسرح في طبعته الثانية إلا جزء ضئيل من اهتمامات سيرفيس آر. وقد يتبادر لذهن المهتمين والمتتبعين للجمعية ولنشاطها أنها تشتغل فقط على الجانب المسرحي، لكن ليعلم الجميع أن اهتمامنا أرحب وأوسع من ذلك. وستضهر الأسابيع المقبلة أن سيرفيس آر ستعلن عن برنامجها المستقبلي والذي يضم:المهرجان الأول للموسيقى الروحية.ومن أجل تحسين جمالية  مدينة مكناس، سنعلن عن شراكة مع فناني ومبدعي الفن التشكيلي من أجل إظهار المدينة،             وخاصة المدينة القديمة منها في أحسن صورة تليق بهذه المدينة التاريخية العتيقة. و لن يتأتى هذا إلا من خلال تضافر كل الجهود وإسهام كل الجهات المسؤولة عن الثقافة إقليميا ووطنيا.وعن تكريم الفنانة المقتدرة سعاد صابر يقول: أمر التكريم عندنا ينبني بالأساس على مبدا اختيار المبدعين مسرحيين وسينميائيين. الذين طالهم الإهمال والتهميش بالرغم من عطاءاتهم المحمودة وما قدموه من إبداعات وإنتاجات جليلة للفن المغربي عامة. وما اختيارنا للمكرم إلا تنبيه لرد الاعتبار إلى الجهات لمثل هؤلاء المبدعين والفنانين.     انعقدت بالقصر البلدي بحمرية ندوة المهرجان المسرحي المغاربي الثاني من تنظيم جامعة مولاي إسماعيل كلية الآداب والعلوم الانسانية مكناس وجمعية موظفي كلية الآداب وجمعية سيرفيس آر، وذلك يومه الأربعاء 24 ماي 2006 في موضوع المغرب العربي: تجارب مسرحية.    ترأس هذه الجلسة خالد أعمار أستاذ اللغة الانجليزية بكليةالآداب والعلوم الانسانية بمكناس، مرحبا بالمشاركين في الندوة والجهات المنظمة لها، كما أبدى ملاحظة تتمثل في اعتبار الندوة تعقد على شرف الإخوة المشاركين في المهرجان قصد تبادل التجارب والخبرات فيما بين الأشقاء المغاربيين. ثم أعطى الكلمة للمتدخلين تباعا:*/ المداخلة الأولى بعنوان: قراءة تجربة المسرح الجزائري للأستاذ لخضر منصوري من الجزائر، وهو أستاذ فن الإخراج بقسم الفنون الدرامية بجامعة وهران، ورئيس تعاونية مسرح النقطة بوهران ومخرج مسرحي.قدم الأستاذ لخضر منصوري في مداخلته نظرة تاريخية عن فن المسرح ومراحل تطوره الزمانية بالجزائر، ملخصا هاته المراحل في سبع على الشكل الاتي:– المرحلة الأولىٍٍ(1921/1926): لم يقم المسرح الجزاسري خلالها بمبادرة من الجزائريين أنفسهم، وإنما من قبل المحتل الفرنسي. كما تميزت هذه المرحلة بعدماهتمام الجمهور بفن المسرح لأنهم كانوا يجهلونه وهذا ما أدى، يقول لخضر منصوري، إلى فشل مسرحيات جورج أبيض. هذا بالإضافة إلى أن القاعات المسرحية كانت تتمركز في قلب المدينة.– المرحلة الثانية(1926/1934): كانت بمثابة حياة جديدة ونهار جديد على حد تعبير مالك بن نبي، لأن نشاط المسرح الجزائري كان يت على يد رجال المقومة. كما برز في هاته المرحلة المسرح الواقعي الذي يهتم بهموم الشعب وآلامه وآلامه.– المرحلة الثالثة (1934/1939): برز خلالها المسرح الجزائري بفضل الأحزاب السياسية الوطنية، كما برز بعض أعلام هذا الفن من مثل رشيد قسنطيني الذي كان يقدم مسرحيات نقدية ساخرة باللهجة العامية بعدما حرم المستعمر الفرنسي استعمال اللغة العربية الفصحى في الحيات العامة.– المرحلة الرابعة(1939/1945): وهي المرحلة التي تعرف بمرحلة الحرب العالمية الثانية. عرفت انقطاعا بين الجمهور والمسرح بسبب تشديد الخناق عليه من قبل المستعمر؛إذ كان هذا يذكي الروح الوطنية بين عموم الشعب الجزائري. كما تم إغلاق المسارح. كل هذا جعل الجزائريين يعتمدون على الاقتباس، وهومالم ينسجم مع الخصوصيات الثقافية للجزائريين.– المرحلة الخامسة(1945/1962): شهدت هذه المرحلة تأسيس فرقة مسرح الغد سنة 1946 من قبل الحاج حمو وفرق أخرى كانت تعالج القضايا الكبرى(الحرية – المقاومة..) بمزاضيع بسيطة تهتم بالخصوصيات الثقافية والسياسية للمجتمع. كما تميزت هذه المرحلة بتخلي مجموعة من المسرحيين الجزائريين عن خشبة المسرح والانخراط في صفوف المقاومة إلى أن تم الاستقلال عام1962.– المرحلة السادسة (مرحلة الاستقلال): برز خلالها الفكر الجمالي في الفكر الجزائري.          

أما بخصوص المرحلة السابعة والأخيرة، فقد تحدث عنها صاحب المداخلة الثانية في الندوة الأستاذ عبد اللطيف بوناب وهو جامعي ومؤلف مسرحي، حيث تحدث خلالها عن مجمل خصوصيات هذه المرحلة والتي تتمثل

  في التناقض بين المهام السياسية والثقافية واعتماد المسرح الجزائري على على الاقتباس من المسرح العالمي خاصة في الفترة ما بين 1975/1987 وتكوين التعاونيات المسرحية وبروز فكرة الجمعيات./* مداخلة  الأستاذ فتحي   كحلول من ليبيا :أخذ الأستاذ فتحي كحلول الكلمة للحديث عن موضوع "نبذة حول المسرح الليبي: واقع وطموح". وهو، أي الأستاذ كحلول، مديرالفرقة الوطنية للمسرح بالجماهيرية الليبية، وممثل وزارة الثقافة والإعلام، ومخرج مسرحي؛ إذ نجد من أهم أعماله: مسرحية "باب الفتوح"، و"في انتظار جودو"، و"السندباد"…الخ.عمل الأستاذ كحلول، في مداخلته، على تقسيم تاريخ المسرح الليبي الحديث إلى أربعة مراحل؛ هي على الشكل الآتي:– المرحلة الأولى: وتبتدئ من سنة 1908 إلى حدود سنة 1945. وتعتبر سنة 1908 البداية الفعلية للمسرح الليبي. ولم تكن هذه البداية عبارة عن صدفة بل على دراية تامة ومعرفة واعية. وتمت، في نفس السنة، واقعة تاريخية حفزت إنشاء عروض مسرحية؛ وتتمثل هذه الواقعة في رفض عمال الميناء إدخال السلع الغربية تعاطفا مع البوسنة والهرسك. وكانت أول مسرحية بعنوان:"شهيد بالحرية" من تأليف وإخراج: محمد قدري المحامي، ومسرحية "آه لو كنت ملكا" لمحمد عبد الهادي.– المرحلة الثانية: وامتدت من سنة 1945 إلى سنة 1952. وهي مرحلة الانتداب البريطاني، حيث عملوا، أي المستعمر البريطاني، على إقحام الشباب في النوادي والمسارح لتخميد طاقاتهم وتجميدها مع إبعادها عن المواضيع التي قد تؤثر على مصالحهم.– المرحلة الثالثة: من سنة 1952 إلى سنة 1959. وتمت في هذه المرحلة مصادرة العديد من المسرحيين وسجنهم وذلك لمعالجتهم لقضايا أمتهم في المسرحية. – المرحلة الرابعة: وهي التي تمتد من سنة 1970 إلى وقتنا الراهن. وتتزامن هذه المرحلة مع حكم القدافي الذي عمل على المساهمة في فتح فرق جديدة، وتكريم الفنانين، الذين أبدعوا في مجالهم، وفتح الدورات للمسرح والموسيقى، وساهم في حصول بعض الفنانين على شهادات عليا بالمملكة المغربية. إضافة إلى إنشاء جائزة القدافي للإبداع، وإكرام دور المرأة الممثلة…الخ. هذا مع الاعتراف بالفنانين وذلك من خلال السماح لهم بحمل تسمية "الفنان" في بطاقة تعريفهم الوطنية.             وثمن الأستاذ كحلول حديثه بواقع المسرح الليبي في الفترة الآنية، حيث قال إن المسرح الليبي ممتد عبر التاريخ ويتطلع نحو المستقبل مع محاولته الارتباط بالواقع ومعالجة الانقلابات الفنية والثقافية ومجابهة الروتين والتقوقع على الذات.            وختم كلامه بالدور الكبير الذي تلعبه وزارة الثقافة الليبية بإعادة النظر في ما هو موجود من الفنون لدعمها وفق أساسات جديدة، والدعوة إلى الخروج به إلى آفاق جديدة، وتوفير الدعم المادي لإنجاح التجربة. مداخلة الأستاذ سعد المغربي من ليبيا.تدخل الأستاذ سعد المغربي من الجمهورية الليبية بموضوع: "المسرح المغاربي: آفاق وأبعاد". وهو خريج المعهد العالي في المسرح من اليونان، ورئيس تحرير المجلة العالمية للمسرح والسينما، ونائب رئيس الإتحاد المغاربي للمسرحيين، والأمين العام للمركزالمغاربي للدراسات المسرحية، والمدير العام لمسرح الفكر القومي بنيغازي، والمدير العام للفرقة المغاربية للفنون المسرحية.وتروم مداخلة الأستاذ سعد المغربي تعريف المشاركين بهموم المسرح المغاربي، والدعوة إلى تواصل الإبداع الثقافي على المستوى المغاربي. كما تحدث عن النتائج الايجابية التي تم الحصول عليها من خلال تأسيس "الفرقة القومية للمسرح" وذلك سنة 1987 على هامش المهرجان الذي أقيم بمدينة الجديدة بالمغرب. وهذا الإتحاد عبارة عن مؤسسة أهلية لها علاقة بكل الفنانين المغاربيين.ودعى الأستاذ، في الختام، بإنشاء معاهد تتوخى إنماء أواصر القرابة بين بلدان المغرب العربي./* المداخلة الخامسة بعنوان: مفهوم المسرح الأمازيغي للأستاذ مومن الصافي، وهو عضو بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بالرباط وأول مؤلف مسرحي  بالأمازيغية. أهم ما تناوله في مداخلته هو أنه يعتبر أن اعتقاد المسرحيين والمهتمين وغيرهم بعدم وجود تراث مسرحي قبل 1900 هو اعتقاد خاطئ يكرس الشعور بالدونية تجاه الغرب.       وهكذا فالأستاذ مومن يعتبر أن لنا تاريخا مسرحيا كبيرا نجهله، كما يعتبر أن شعبنا المغاربي رائد في فن المسرح. وقد تحدث عن بعض الشخصيات التي يرى أن لها مساهمات فعلية في فن المسرح مثل جوبا الثاني باني مدينة وليلي، والملك الأمازيغي ماسينيسا.كما ركز في مداخلته على مفهوم المسرح الأمازيغي واعتبر أن هذا  المفهوم له تعريف سطحي ضيق غير علمي يتمثل في أن المسرح الأمازيغي هو المسرح الناطق بالأمازيغية، وهذا يثير عدة إشكالات والتباسات. وتعريف واسع وموضوعي لا يعتمد المعيار اللغوي   أساسا في التحديد والتعريف، وإنما المسرح يعتبر المسرح الأمازيغي هو ذلك النتاج الذي أبدعه هذا الشعب منذ ما قبل التاريخ إلى يومنا هذا. /*المداخلة السادسة  للأستاذ عبد المجيد الأكحل، ممثل ومخرج مسرحي تونسي (مخرج مسرحية النورس التي عرضت في المهرجان). أوضح في كلمته أن المسرح التونسي في عهد الاستعمار شارك الحركة الوطنية؛ حيث قاوم بالمضمون المسرحي إلى جانب الجيش الذي كان يقاوم بالسلاح. وعند حصول تونس على الاستقلال عام 1956، كانت هناك حركة مسرحية عفوية وتمثيل مسرحي موهوب. كما تحدث عن بعض اللحظات التاريخية المهمة في المسرح تدريس الفن المسرحي في المدارس والمعاهد في فترة الستينات من القرن الماضي.وفي السبعينات أنشأ المسرح المدرسي والمسرح الجامعي. وعرفت فترة الثمانينات كثرة الفرق المسرحية. أما في التسعينات فقد أسس المهرجان العالمي للثقافة، وتم رد الاعتبار للمسرحيين القدامى والمسرحيين الشباب، ودعمت وزارة الثقافة المبدعين، مشيرا في الأخير إلى أن مرحلة خلق الفرق المسرحية- ومنها فرقة الكاف- كان في أواخر الستينات وبداية الشبعينات. المداخلة السابعة بعنوان: مسيرة تأسيس الفرق المسرحية بالكاف. للأستاذ المنجي الورفلي عن فرقة مسرح الكاف، وهو ممثل منذ 1968 ومدير لنفس الفرقة ما بين 1990 و 1993.قدم الأستاذ الورفلي لمحة تاريخية عن هذه  الفرقة ومؤسسيها وأعلامها والأعمال التي قامت بها.مداخلة الأستاذ إدريس المامون من المغرب.يعتبر الأستاذ إدريس المامون من المناضلين الكبار في المجال المسرحي. وهو أستاذ مكون، ومخرج مسرحي (أخرج قرابة ثلاثين مسرحية)، وعضو المجلس الإداري للثقافة الوطنية لمحترفي المسرح. شارك في عدة تداريب مسرحية بغابة معمورة، وشارك في كثير من دورات المهرجان الوطني لمسرح الهواة، وشارك في تداريب مسرحية عن تقنيات الإخراج بفرنسا. وحاصل على الجائزة الأولى للسيناريو في مهرجان الفيلم التربوي بالدار البيضاء.بدأ الأستاذ المامون بتحية تقدير للفنانتين المقتدرتين؛ فاطمة الركراكي، وسعاد صابر. ثم انتقل إلى الحديث عن تجليات مسرح الأطفال، حيث تحدث عن بداياته الأولى بالمغرب المتمثلة في مسرحية "سلطان الطلبة" وذلك في عهد مولاي رشيد سنة 1622. وأكد على خطأ المؤرخين المسرحيين باعتبار فرنسا أول بلد ظهر فيه هذا النوع من المسرح الطفولي وذلك لأن الدولة الأولى التي قدمت أول مسرحية خاصة بالأطفال هي إسبانيا وذلك سنة 1657. وانطلق الأستاذ إدريس، بعد ذلك، إلى تأريخ نشأة مسرح الأطفال بالمملكة المغربية، حيث قسمها إلى عدة مراحل، هي كالآتي:– المرحلة الأولى: وامتدت من سنة 1921 إلى سنة 1941. وعرفت هذه المرحلة عدة إنتاجات مسرحية وذلك بمدينة فاس عن طريق ثانوية مولاي إدريس من قبل عدة مخرجين مسرحيين؛ أمثال: المنيعي…– المرحلة الثانية: تمثلت هذه المرحلة بإنشاء "فرقة الهلال البيضاوي"، و"جمعية الكشاف الطانجي" وذلك ما بين سنة 1940 و1956.– المرحلة الثالثة: عرفت هذه المرحلة عرض مجموعة من المسرحيات؛ مثل: "مسرحية مسمار جحا"، و"الفضيحة الكبرى" وذلك ما بين سنة 1956 و1961.– المرحلة الرابعة: وامتدت من سنة 1961 إلى حدود سنة 1967. وكانت هذه المرحلة عبارة عن انطلاقة حقيقية لمسرح الأطفال بالمغرب.– المرحلة الخامسة: عرفت هذه المرحلة، أي ما بين سنة 1967 وسنة 1986، إنشاء اللجنة الوطنية للمسرح الوطني.– المرحلة السادسة: وأهم أحداث هذه المرحلة، أي ما بين سنة 1987 وسنة 1991، هي العمل على ترسيخ الفعل المسرحي بالنسبة للأطفال.وأنهى مداخلته بالحديث عن تناحر كل من "وزارة الشبيبة والرياضة" و"وزارة الثقافة"، بعد الاستقلال، عن الاهتمام بالمسرح بالمملكة المغربية. وأدى هذا التناحر إلى تأخير تطور المسرح المغربي.المداخلة  الثامنة بعنوان: مسيرة تأسيس الفرق المسرحية بالكاف. للأستاذ المنجي الورفلي عن فرقة مسرح الكاف، وهو ممثل منذ 1968 ومدير لنفس الفرقة ما بين 1990 و 1993.قدم الأستاذ الورفلي لمحة تاريخية عن هذه  الفرقة ومؤسسيها وأعلامها والأعمال التي قامت بها. وقد كان أول عمل للفرقة هو مسرحية الهادي بودربالة المأخوذة عن موليير وذلك في 8 ماي 1968 . وقد قدمت هذه المسرحية بالدارجة التونسية وحضرها رواد مسرحيين كبار كعميد المسرح العربي يوسف وهبي. وكان ثاني عمل لها هو مسرحية رش النور في 18 يوليوز 1968 والتي حضرها الزعيم التونسي لحبيب بورقيبة وتم تقديمها باللغة العربية الفصحى. وقد تعاملت الفرقة في الفترة ما بين الستينات والتسعينات. كما تعاملت الفرقة مع أطر محلية وأجنبية وشاركت في العديد من المواسيم والاحتفالات داخل البلد وخارجه، ومن ذلك إحياؤها لذكرى عيد العرش بالمملكة المغربية لسنة 1974.

بعد هذه المداخلات، فتح باب النقاش بين الأساتذة المحاضرين والجهور لتختتم بعد ذلك الندوة.